الكابة تحلها الكتابة

حننت وأشفقت على قلمي في ليلة أنقشع ضوءها بذهاب قمرها واختفاء كواكبها وتغيب نجومها. وفي عتمة السواد الدامس داخل منزلي لا أرى إلا قبس من شعاع غرفتي يعكسه جدار جيراني.

وبينما خيم الصمت على فؤادي ولمدة تجاوزت حدا لا يطاق لرهبة امتدت لساعات وإذ أنا أريد الوقوف لإلقاء نظرة في الخارج وإذا بقلمي يسقط أرضا وكأنه يقول أنا أؤنسك في وحدتك لم أفكر طويلا فأسرعت لمكتبي فأخذت ورقة بيضاء فكتبت :

رأيت قلمي وقد قلب الموازين فأزاح غمة كربتي وكآبة وحدتي وانكشفت لي نعمة قلمي بعد نقمة فراغي ونور ورقتي بعد ظلام ليلتي.

فعرفت أن هناك أشياء كثيرة تبدل الأتراح وتجعلها أفراح وأن النعمة تتخذ سبيل التخفي أحيانا في وقت الفراغ فيظللها ستار لا ينقشع إلا بالتفكير السليم والعقل القويم اللذان يبرهنان لنا بالدليل القاطع الذي لا يجعل مجالا للشك بأن النعمة تتستر خلف (كواليس) الأبواب المغلقة والموصدة بالجدران والأروقة وأن مفاتيح هذه الأبواب هي بأيدينا لا بأيدي غيرنا.

إني فكرت في الأشياء فوجدت روعة القلم الموجود وأمامه الورق الممدود لا يفوقها إلا مزج لون القلم ببياض الورق وبالتالي نسيان الأرق .

وتتوارد الأفكار معلنة سهرت ممتعه بما يجول في النفس ليقضي على أصوات تنهدات التنفس ويتحول إلى همس لطيف ورمس ظريف واستبدال سواد ليلي بنور قلمي وبه قد زال آلمي .

فأيقنت أن الكتابة هي إحدى النعم لسد وقت الفراغ لأنها تنقش في جدار الصمت عناوين لا تنسى وكلمات لا تمحى

. asmaa